العلاقات التي سرعان ما تنهار

العلاقات التي سرعان ما تنهار
  • العلاقات التي سرعان ما تنهار
1 صورة

رسائل تغزو شبكات التواصل الاجتماعي، فايسبوك وتويتر، تكشف للعيان، مشكلة تجتاح العالم العربي، بكافة أصقاعه وهي الرغبة الجامحة في البحث عن علاقات عاطفية وجنسية، باستثمار شبكات التواصل الاجتماعي.



هذه العلاقات التي سرعان ما تنهار ويبدأ مشوار البحث عن بديل عاطفي جديد. وهو ما يدفعنا للتساؤل، ما الذي يدفع الشباب العربي الى خوض مغامرات عاطفية وجنسية متعددة؟ وماهي تأثيراتها وأبعادها اجتماعيا وأسريا؟



تتعدد الأسباب الدافعة بالشباب العربي، ذكرا أو أنثى، إلى ربط علاقات عاطفية، واحيانا حميمية وجنسية.  هذه الأسباب تختلف بين الجنسين، فالأنثى عادة ما تبحث عن فارس أحلامها، بينما يغامر الكثير من الذكور بهدف التسلية وتمضية الوقت واثبات فحولتهم.



رحلة البحث عن شريك العمر



رحلة البحث عن زوج أو شريك العمر، الذي يكون النصف الآخر، تبدأ في مرحلة مبكرة لدى البنت، الباحثة عن فارس أحلامها الذي يمتطي حصانا أبيض، لذلك غالبا ماتركب الباحثة عدة أحصنة، وقد لا تجد في النهاية فارسها، الذي يأخذ بيدها إلى عش الزوجية..



والعاقبة مرشحة لان تكون وخيمة: فإما ان تكتشف زيف وعود الارتباط، فتصاب بخيبة الأمل وتفقد الثقة في الجنس الاخر، او ان تنساق وراء الكلام المعسول الدافىء، وتمكن “الفارس بلا جواد” من نفسها واهمة بانه الحب الحقيقي، ومحطة قبل زواج لا يأتي.. وتكون الضريبة باهظة الثمن، قد تصل الى هتك العرض وحتى الحمل: فإما الإجهاض او قسوة حياة الام العزباء في مجتمع عربي ينبذها ويدين ثمرة العلاقة العابرة..



وقد تتعلق بطالب اللذة هذا فتصرف نظرها عن غيره ممن يسعى لبناء علاقة مسؤولة وترفض من يطرق بابها جادا، مفضلة وهم الفارس الخداع، فتبدد فرصا لتأسيس أسرة سليمة وتبقى تنتظر حتى يهجرها الحبيب وينصرف الطارقون عن بابها وتبقى تندب حظها التعيس وتقاسي همسات ونظرات من حولها بعد ان انضمت لقافلة الأوانس “العوانس”.



البحث عن التسلية



يبحث الشباب العربي عن التسلية، من خلال العلاقات العابرة التي يقيمها. وتنطلق رحلة التسلية في سن مبكر قبل المراهقة أحيانا، مما ينعكس سلبا على فكر الطفل/الشاب واستقراره النفسي والدراسي، ويبقى يراوح بين هذه وتلك فيصل الى طريقين، أحدهما أسوأ  من الآخر.



فإما أن يدمن على العلاقات العابرة ويفقد القدرة على الالتزام والاستقرار مع واحدة، ولا يشعر أن امرأة واحدة يمكن ان تكفيه والعالم مليء بالنساء..



أو أن تنعدم ثقته تماما بالمرأة التي تغدو في نظره مجبولة على التلون والخداع و مخاتلة الأهل (وربما ما فعلت صديقاته ذلك وكذبن على الأقربين واختلق



ن العلل للقائه  إلا من اجله هو) فيعدم الثقة في الأنثى، ولا يرى منها إلا الجانب المظلم والاستعداد للخيانة. “فكما خانت غيري معي، فقد تخونني وكما كذبت على الوالدين الذين أنجباها سنكذب حتما علي“..



وفِي كلتا الحالتين، يحيى شقيا وحيدا يهرب من الارتباط وان الحت عليه والدته.. وقد يلين ويرضخ لها، لكن شكوكه تجاه من شاءت الاقدار ان يرتبط بها تتواصل وتكون وبالا عليهما كليهما، حتى بعد إنجاب الولد..



البحث عن الجنس قبل الزواج



يخلط الشباب بين مفهوم العاطفة المرتبطة بالمشاعر والوجدان وبين مفهوم الجنس المنبعث أساسا من الغريزة الإنسانية التي جعلها الله في جسد بني آدم، وسن قوانين تمارس في إطار يحفظ كرامة الطرفين وتعينهما سلوك حياة متوازنة، سوية، وسليمة.



غير أن تأثر الشباب بالمجتمعات الغربية والثقافات الدخيلة، التي يكتسبونها من خلال مشاهدة  الأفلام الرومانسية والقصص العاطفية وسوء استعمال الانترنات، يجعلهم يسرعون إلى تحويل الميل العاطفي إلى علاقات جسدية، جنسية، دون معرفة عميقة بين الطرفين لإشباع نزوات عابرة وانجذااب جنسي لا يدوم طويلا.  وكثيرا ما تدفع الفتاة ضريبة العجلة والإنجرار إلى الغريزة في مجتمعاتنا التي لا ترى عيبا في تهتك الذكر ومجونه..



أخطاء في التربية، تمييز الذكر عن الأنثى



ارتفاع ظاهرة إقامة علاقات عاطفية، منذ مرحلة المراهقة وحتى مرحلة الشباب وقد تتواصل حتى بعد الزواج، تعود أساسا إلى سوء التربية داخل الأسرة ونتيجة لغياب التوعية و تمييز الذكر عن الأنثى، بحيث تزرع في عقل الفتى أنه رجل، يحق له فعل مايشاء.



لذلك يبيح الشاب لنفسه، الحضن والملامسة والقبل، في كل علاقة يقيمها، تكون عابرة يطمئن فيها كل واحدة من الحبيبات أنها الأولى والأخيرة.



في مقابل محافظته الشديدة على أخته ورهبته، من كل من يتجرأ على النظر إليها ولو من بعيد.. فقد يكون مثله لا يبحث إلا عن لذة سريعة..



هذه الأسباب التي أباحت للشباب العربي ربط علاقات عاطفية وجنسية، وقد تتجاوز في أحيان كثيرة الحدود الاجتماعية والقيم والمبادئ، أعادها الدكتور سليمان قديح، أخصائي في علم النفس إلى سوء استعمال تكنولوجيات الاتصال الحديثة.



حيث يعتبر الدكتور سليمان قديح، “أن التكنولوجيا الحديثة، قد ساهمت بشكل كبير، في ارتفاع ظاهرة العلاقات العاطفية والجنسية، باعتبارها وسائل سحرية تذيب الحواجز وتقطع المسافات وتسهل اللقاءات على كل المستويات.”



ويرى الدكتور هشام الشريف، المختص في العلاقات الجنسية، ان النساء أكثر ضحايا الوسائل التكنولوجية، لأنهن غالبا ما يسقطن في فخ العلاقات العاطفية التي كثيرا ما تقود إلى علاقات جنسية افتراضية، بسبب الفراغ العاطفي ومحاولة البحث عن إشباع الرغبات الجنسية بالنسبة للعازبات، أو نتيجة  إهمال الأزواج للمتزوجات.



ويضيف “النساء هنّ الأكثر هروبا الى الجنس الافتراضي من الرجال. بسبب إهمال الرجل لزوجته بعد سنوات من الزواج، إن لم يكن بعد شهور، فتضطرّ العديد منهن إلى دخول المواقع الاباحية للبحث عن التوازن الجنسي و الجسدي و النفسي، لأن القيم الاجتماعية تمنعهنّ من الإقدام على التجاوزات الأخلاقية في الواقع بإقامة علاقات جانبية، مع ملاحظة أن أغلب الإناث من اللاتي يمارسن الجنس الافتراضي هنّ من العازبات، اللواتي يبحثن عن اللذة وإشباع رغباتهن الجنسية المدفونة بداخلهن منذ الصغر.”



الذكر والأنثى، كلاهما عرضة للتجارب العاطفية والجنسية، التي أصبحت شائعة جدا في عصرنا الحالي، بدعوى الانفتاح والتحديث ومواكبة المجتمعات المتطورة، حتى أنها تكاد تتجاوز الظاهرة، في ظل انتشار وسائل الإتصال الإلكترونية، لتصبح عادة وثقافة رائجة بين الشباب العربي.



لكن تظل هذه العلاقات عابرة، رهينة اللحظة والرغبة وسرعان ما تختفي وتصبح في طيات النسيان، بعد حر اللقاء، وكما قال شاعرنا أحمد شوقي:”



نظرة فابتسامة فسلام   ***   فكلام   فموعد      فلقاء



ففراق   يكون   فيه    دواء   ***   أو  فراق  يكون  منه  الداء



والمشكل أنها  كثيرا ما تخلف وراءها تشوهات تؤدي الى اهتزاز الثقة في النفس وفي الجنس الآخر، ناهيك عن الجروح التي قد تتحول إلى ندبات لا تمحي آثارها مع مرور الزمن.



إقرئي أيضا

تابعي أهم وآخر الأخبار على مجلة المراة