لماذا يدفع أطفالك ثمن حريتك؟

لماذا يدفع أطفالك ثمن حريتك؟
  • لماذا يدفع أطفالك ثمن حريتك؟
1 صورة

مثلما أنّ هناك من يدافعُ عن "حريّةِ المرأة"، أرجو أن يكونَ هناكَ من يُدافعُ عن حقوقِ الأطفالِ من ظلمِ حريّةِ المرأة، فهم لا يُجيدونَ الدفاعَ عن أنفسِهم مثلَها!



تدّعي بعضُ الفتياتِ أنّه يمكنُ التوفيقُ بينَ العملِ والمنزل، وبخلافِ أنّه "صاحبُ بالينِ كذّاب"، فإنَّ إطلاقَ مثلِ هذا الادّعاءِ ليسَ من صلاحيّاتِها أساسًا، فجزءٌ منه يحكمُ عليه زوجُها، والجزءُ الآخرُ ـ وهو الأخطرُ والأهمُّ ـ يحكمُ عليه أطفالُها، ونظرًا لأنّهم يكونونَ في سنِّ لا تسمحُ لهم بذلك، فعلى المرأةِ أن تنتظرَ حتّى يصلَ أصغرُهم لسنِّ الرشدِ حتّى تستأذنَه في هذا الشأن!!.. بخلافِ هذا تكونُ المرأةُ العاملةُ قد تصرّفت في حقٍّ ليسَ ملكَها أساسًا!!



بدلا من أن تُرضعَ المرأةُ العاملةُ أطفالَها تسقيهمُ اللبنَ الصناعيّ، وبدلا من أن ترعاهم تُلحقهم بالحضانة، وبدلا من أن تذاكرَ لهم تدفعُهم للدروسِ الخصوصيّة، وبدلا من أن تُعدَّ لهم الحلوى تشتريها جاهزةً، وبدلا من أن تَحيكَ لهم ثيابَهم تُرسلُها للخياط، وبدلا من أن تربّيَهم تتركُهم أمامَ التلفاز، وبدلا من أن تُتابعَ سلوكَهم وأنماطَ أصدقائهم، تتركُهم للمدرسةِ والشارع، وبدلا من أن تجلسَ في بيتِها معززةً مكرمةً، تُلقي بنفسِها لازدحامِ المواصلاتِ وقرفِها، وبدلا من أن تَرعى زوجَها وتتزينَ له، تتركُه ليقعَ في حبائلِ السكرتيرةِ أو زميلتِه في العمل!.. هذه هي فاتورةُ عملِ المرأة، ولا أدري هل يكفي مرتّبُها لتسديدِها أم لا!!!!!



لا توجدُ مهنةٌ يؤدّيها الرجلُ لا تستطيعُ المرأةُ تأديتَها (بغضِّ النظرِ عن كفاءة هذا الأداءِ وضررِ هذا الأداء!!).. ولكنْ توجدُ مهنةٌ تمارسُها المرأةُ بالفطرة، ولا يستطيعُ الرجلُ مهما فعلَ أن يؤدّيَها: الأمومة!



من الظلمِ الفادحِ أن تزجَّ المرأةُ بنفسِها في منافسةٍ غيرِ متكافئةٍ مع الرجال، فبخلافِ تفوّقِهم في المجالاتِ البدنيّةِ والرياضيّة، والمجالاتِ العلميّةِ والفكريّة، والمجالاتِ الأدبيّة، فإنّ الرجالَ كذلك أثبتوا تفوّقَهم حتّى في أخصِّ مجالاتِ المرأة، فمنهم أشهرُ الطهاةِ ومصمّمي الأزياءِ والديكور... إلخ... إنّ ذلك شيءٌ طبيعيٌّ، فبخلافِ القوّةِ البدنية، يتمتّعُ الرجلُ بالمرونةِ والقدرةِ على التغييرِ دونَ الارتباطِ العاطفيِّ الزائدِ بفكرةٍ أو بشخصٍ أو بعملٍ أو بمكان، كما أنّ الرجلَ يفوقُ المرأةَ بصيرةً وبُعدَ نظر، حتّى ولو كانت أذكى منه، وذلك لأنّه ينظرُ للأمورِ بنظرةٍ أشمل، ولا ينحصرُ فكرُه في التفاصيلِ الصغيرة، ولا تدخّلُ مشاعرُه في حكمِه على الأشياء.. أحببتُ أن أوضّحَ كلَّ هذا للمرأةِ لأكثرَ من سبب:



1- لأذَكّرَ المرأةَ بأنَّ منطقتَها الأولى التي لا يمكنُ أن ينافَسها فيها الرجلُ هي أمومتُها، فإذا كان من السهلِ على مديرِ العملِ أن يستغنيَ عنها كموظّفةٍ في أيِّ لحظة، لأنَّ عندَه المئاتِ ممن يمكنُ أن يحلّوا محلَّها، فإنّه من المستحيلِ أن يستغنيَ عنها أبناؤها لحظةً واحدة.. حتّى لو ظلمها زوجُها أو طلّقها، فإنَّ الأبناءَ يتعاطفونَ معها وينحازونَ إليها[1].



2- لأذكّرَ المرأةَ أنّ منطقتَها الثانيةَ التي تقهرُ فيها الرجالَ هي أنوثتُها، فنقطةُ ضعفِ الرجلِ الرئيسيةُ هي النساء، ممّا يعني أن المرأةَ الذكيّةَ تستطيعُ أن تجعلَ رجلَها كالخاتمِ في إصبعِها، دونَ الدخولِ في تحدّياتٍ وشعاراتِ مساواةٍ مزعومة، وعملٍ لتحقيقِ الذّاتِ وهلمَّ جرا!!.. لهذا السببِ لم أذكرِ المجالاتِ الفنّيّةَ في المجالاتِ التي يتفوّقُ فيها الرجال، لأنّ أنوثةَ النساءَ هنّ السلعةُ الأساسيّةُ التي يتمُّ المتاجرةُ بها في غرائزِ الرجالِ في معظمِ هذه المجالاتِ الموبوءة!



3- لأذكّرَ المرأةَ أنَّ كلَّ مخلوقٍ مُهيّأ لوظيفتِه، فكلُّ ما يبدو لها ضعفًا ونقصًا، إنّما رُكّبَ فيها لتكونَ أمًّا.. فلكي تكونَ رقيقةً يجبُ أن تكونَ ضعيفةً، ولكي تكونَ حنونًا، يجبُ أن تكونَ عاطفيّةً سريعةَ التأثّر، ولكي تكونَ أمًّا يجبُ أن تكونَ أكثرَ ارتباطًا بالمكان، وأكثرَ قدرةً على الاعتناءِ بأدقِّ التفاصيلِ في حياةِ أبنائها.. ولكنّ هذه المميّزاتِ تنقلبُ عيوبًا شنيعةً إذا زجّتِ المرأةُ بنفسِها في موضعٍ ليسَ موضَعها وعملٍ ليسَ عملَها، بحيثُ ينقلبُ الأمرَ وبالا عليها وعلى أسرتِها وعلى مجتمعِها!



4- لأذكّرَ المرأةَ أنَّ الأمومةَ عطاءٌ بلا حدودٍ وتضحيةٌ دونَ انتظارِ مقابل، وإنكارُ ذاتٍ وتفانٍ من أجلِ الآخرين، بينما "حريةَ المرأة" المزعومةَ ورغبتَها في تحدّى الرجالِ ومنافستِهم في العمل، وتساؤلَها المستمرُّ: لماذا عليَّ أن أفعلَ كذا، ولماذا ليس من حقّي أن أفعلَ كذا وكذا؟، كلَّ ذلك يتناسبُ مع امرأةٍ أنانيّةٍ لا تفكّرُ إلا في نفسِها ومصالحِها ومكاسبِها، وليس لديها أيُّ استعدادٍ للتضحيةِ على الإطلاق!!.. ألم يتّضحْ لكِ بعدُ لماذا انهارتِ الأسرُ في المجتمعاتِ الغربيّةِ "الحرّة"؟!!



حتّى لو نجح غسيلُ المخِّ الإعلاميُّ في غسيلِ أمخاخِ الرجالِ والنساء، لإقناعِهم بحقِّ المرأةِ في العملِ ومساواتِها بالرجل، فإنَّ ذلك لن يمنعَ طفلا يفتقدُ حنانَ أمِّه، من أن يتوقّفَ لمراقبةِ قطّةٍ وهي تداعبُ صغارَها، ليتساءلَ في حسرة: لماذا لا ترعاني أمّي مثلما ترعى هذه القطّةُ صغارَها؟؟!!



حتّى لو حقّقتِ المرأةُ العاملةُ المجدَ والشهرةَ والمالَ، وارتقتْ أعلى المناصبِ وحصلتْ على أرفعِ الجوائز ـ وهي أشياءُ وهميّة!!! ـ فهل سيُغني هذا عنها إذا اتهمَها ابنُها بالتقصيرِ في حقِّه وإهمالِها له، خاصةً أن ذلك سيكونُ في شيخوختِها، حينَ يُصيبُها الوَهَنُ وتفتكُ بها الوَحدةُ والوَحشةُ وتكونُ في أشدِ الحاجةِ إليه؟؟؟؟!!!!



احذري، فما زالت هناك الملايينُ من النساءِ اللاتي كرّسن حياتهنّ لرعايةِ أبنائهم، وهاته النسوةُ حجّةٌ عليك، فلو حدثَ أقلُّ تقصيرٍ من جانبِك في حقّ أطفالِك، فسيسألونَك في مرارة: ولماذا لم تتفرّغي لنا مثلما تفرّغت هذه الأمّهات لأبنائهنّ؟.. ساعتَها لا أعتقدُ أنّك ستجيبين قائلة: لأنّ طموحاتي الشخصيّةَ أهمُّ منكم!!!!



رعايةً لحقِّ الطفلِ في أمِّه وحنانِها، أنادي بوضعِ قانونٍ يمنعُ المرأةَ العاملةَ عن الإنجاب، أو يمنعُ المرأةَ المُنجبةَ عن العملِ حتّى يبلغَ أصغرُ أبنائِها الثامنةَ عشرةَ على الأقلّ (نهايةَ السنِّ النظريِّةِ للمراهقةِ والسنِّ القانونيّةِ للطفولة)!



اسألي نفسَكِ هذا السؤال: وماذا لو لم يحقّقْ لي العملُ ذاتي، وكانَ مملا وكئيبًا ومُرهقًا وعائدُه المادّيُّ ضئيلا، وشغلني عن بيتي وزوجي وأطفالي، وعشتُ بسببِه في ألمٍ ومعاناةٍ وتوتّرٍ وعصبيّةٍ ومشاحناتٍ وشجاراتٍ في البيتِ والعمل، وفشلَ أطفالي في الدراسةِ أو انحرفَ أحدُهم أخلاقيًّا أو قانونيًّا، أو طلّقني زوجي أو تزوّجَ عليّ... إلخ... فهل بعدَ ذلكَ يمكنُ أن أرى أنَّ العملَ يُحققُ السعادةَ ويؤمّنُ المستقبلَ ويُثبتُ الذّاتَ، حتّى أخاطرَ من أجلِه؟!!



إقرئي أيضا

تابعي أهم وآخر الأخبار على مجلة المراة