يُعد الانضباط الفعّال من أهم اللَبنات الأساسية لتربية الأطفال، ويختلف عن سوء المُعاملة الذي يتضمّن الإيذاء الجسدي أو النفسي؛ فالتهذيب والانضباط مبنيّان على مُعاقبة الأطفال بِمحبة دون أذية حسب ما تتطلّبه الأمومة والأبوة، وهذا بدوره يساعد على تطوير فهم السلوكيات لدى الطفل، فيُميّز بين الخطأ والصواب.
يتكوّن شعور الأطفال بأنفسهم كما يراهم آباؤهم؛ فكلمات وأفعال الوالدين تساهم في تطوير احترام وتقدير الذات عند الأطفال، حتى أنهم يستجيبون لنبرة أصوات آبائهم أو لغة أجسادهم، كما تجب الإشادة بكافّة إنجازاتهم مهما كانت صغيرة، والسماح لهم بأداء بعض المهام بشكل مستقل، لأنّ ذلك سيُشعرهم بالفخر والقوّة، بالإضافة إلى وجوب تجنُب استخدام التعليقات الجارحة والمُضرة تماماً كالإيذاء الجسدي، مثل: وصفهم بالغباء، أو مقارنتهم مع أقرانهم باستمرار؛ فهذا من شأنه أن يُشعرهم بأنّهم بلا قيمة، لذا يجب اختيار الكلمات بعناية عند محاورتهم، وضرورة إفهامِهم بأنّهم يكرهون سلوكيات الأطفال الخاطئة ولكنّهم لا يكرهون أبناءهم.
يتعلّم الصغار كيفية التصرف عبر مشاهدة تصرّفات آبائهم؛ حيث إنهم يكتسبون إشارات وسلوكيات آبائهم كلما كانوا أصغر سناً؛ فمثلاً يجب على الآباء تجنُب تعنيف أطفالهم إذا أرادوا أن لا يقلّدوهم عند الغضب؛ فقد أظهرت الدّراسات أنّ الأطفال العُدوانيين الذين يلجؤون للضرب عادةً يتّخذون الضرب في بيوتهم نموذجاً يُحتذى به؛ لذا على الآباء أن يتّصفوا بالصفات التي يريدون أن يتصف بها أطفالهم، مثل: الاحترام، والصدق، والتسامح، ومساعدة الآخرين دون انتظار شكر، والإعراب عن الامتنان عند تَلقّي المُساعدة؛ لذا قبل كل شيء يجب على الآباء معاملة أبنائهم كما يُحبّون أن يُعاملهم الناس.
يحتاج الأطفال إلى التعليم الجيد كجزء مهم في عملية التربية، ولا يقتصر ذلك على التعليم الأكاديمي؛ بل يمتد إلى تعليمهم كيفيّة التواصل مع أقرانهم وشخصيات أخرى في موقع السلطة، وإظهار الاحترام للكادر التعليمي في المدرسة، كما يجب متابعة احتياجاتهم التعليميّة وواجباتهم المنزليّة وحضورهم اليومي، والتأكّد من تلقّيهم التغذية المُناسبة والراحة الكافية.
تعدّ جدولة بعض الوقت مع الأطفال مُجديةً لدى غالبية الآباء؛ فالأطفال الذين لا يلقون الاهتمام من قِبل آبائهم لا يُحسنون التصرف، لذا يجب على الآباء قضاء بعض الوقت مع أبنائهم، مثلاً: تناول وجبة الفطور معهم، أو المشي معهم عشاءً، أو قضاء ليلة برفقتهم كل أسبوع، كما ينبغي على الآباء التحدّث مع أبنائهم المراهقين، ومشاركتهم بعض الأنشطة العائلية مثل الألعاب وحضور حفلات موسيقية، كما يُمكن للآباء العاملين تخصيص بعض الوقت لأبنائهم حتى لو كان وقتاً قصيراً، مثل: لعب ورق الشَدة، أو التَسوق.
يتوجّب على الآباء تعليم أطفالهم المرونة في اللعب مع أصدقائهم، أي تقبُل الربح والخسارة في اللعب، وعليهم منع أبنائهم من اللعب عندما لا يكونون سُعداء بِلعبهم، أو عندما يلعبون مع أصدقاء لا يُحبونّهم لأنّهم لا يقبلون المشاركة.